الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
قال ابن عربي هذه الحروف ليس لها خاصية من حيث كونها حروفاً بل من حيث كونها أشكالاً فلما كانت ذوات أشكال كانت الخاصية للشكل فلهذا أمر بتبينيها ومن ثم اختلف عملها باختلاف الأقلام لأن الأشكال تختلف وأما المرقمة فإذا وجدت أعيانها على أوضاعها صحبتها أرواحها وخواصها فكانت خاصية ذلك الحرف بشكله وتركيبه مع زوجه وكذا إن كان الشكل مركباً من حرفين أو أكثر كان للشكل روح ليس الروح الذي للحرف. - (خط في الجامع) بين أدب الراوي والسامع (فر عن أنس) قال الذهبي فيه كذاب. 835 - (إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السين) أي أوضحها وبين سننها إجلالاً لاسم الله وإعظاماً له وفي خبر رواه الخطيب عن أنس جودوا السين من بسم الله تقضى لكم الحوائج. - (خط) في ترجمة ذي الرآستين الفضل بن سهل (وابن عساكر) في تاريخه (عن زيد بن ثابت) ابن الضحاك كاتب الوحي (عن أنس). 836 - (إذا كتبت) أي أردت أن تكتب (فضع قلمك على أذنك) حال الكتابة أي اجعله بأزائها مما يلي الصدغ (فإنه أذكر لك) أي أعون لك على تذكير ما تكتب وهذا أمر إرشادي. - (ابن عساكر في تاريخه عن أنس) قال كان معاوية كاتب الوحي إذا رأى من النبي صلى الله عليه وسلم غفلة وضع القلم في فيه فقال يا معاوية إذا كتبت فضع إلخ. 837 - (إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده) لأن في كتابته بدونه خلطاً للصحيح بالضعيف بل والموضوع فيقع الزلل وينسب للرسول ما لم يقل فإذا كتب بإسناده فقد برىء الكاتب من عهدته كما قال (فإن يك) الحديث (حقاً كنتم شركاء في الأجر) لمن رواه من الرجال (وإن يك باطلاً كان وزره عليه) أي على من تعمد فيه الكذب ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: الذي يطلب العلم بلا سند كحاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى وهو لا يدري. وقال الثوري: السند سلاح المؤمن فإذا لم يكن معك سلاح فيم تقاتل. وقال ابن المبارك: طالب العلم بلا سند كراقي السطح بلا سلم وقد أكرم الله هذه الأمة بالإسناد وجعله من خصوصياتها من بين العباد وألهمهم شدة البحث عن [ص 434] ذلك حتى أن الواحد يكتب الحديث من ثلاثين وجهاً وأكثر وفي تاريخ ابن عساكر عن أبي حاتم الرازي لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمة يحفظون آثار نبيهم غير هذه الأمة قيل له ربما روى أحدهم حديثاً لا أصل له قال علماؤهم يعرفون الصحيح من غيره فروايتهم الحديث الواهي ليتبين لمن بعدهم. - (ك في علوم الحديث وأبو نعيم) والديلمي (وابن عساكر عن علي) رمز لضعفه وليس بضعيف فقط بل قال في الميزان موضوع. 838 - (إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل) الصالح (ما يكفرها) لقلته وكثرتها (ابتلاه الله بالحزن) بالتحريك وفي رواية بالهم قال الحافظ العراقي والأول الصواب (ليكفرها عنه) به فالأحزان والأكدار في هذه الدار رحمة من العزيز الغفار ومن ثم قال الصوفية إنما يحصل الهم والغم من جهتين التقصير في الطاعة والحرص على الدنيا انتهى وأما حمل الحزن على الندم على المخالفة فغير صواب لأن ذلك ليس ابتلاءاً. - (حم عن عائشة) قال المنذري رواته ثقات إلا الليث بن أبي سليم وقال العراقي فيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه وقال الهيتمي فيه ليث وهو مدلس وبقية رجاله ثقات وقد رمز المصنف لحسنه. 839 - (إذا كثرت ذنوبك) أي وأردت اتباعها بحسنات لها أثر بين وفعل فاعل في محوها والمراد الصغائر (فاسق الماء على الماء) أي اسق المستسقي ولو كنت بشط نحو نهر أو بحر بذكره ليس بقيد بل لنفي توهم أنه لو حازه بلا كلفة فلا أجر له في سقيه وأولى من ذلك أن يقال المراد موالاة السقي وتتابعه أي اسق الماء على أثر سقي الماء بلا فاصل بأن يكون متتابعاً (تتناثر) بمثناتين فوقيتين فنون أي فإنك إن فعلت ذلك تتساقط (ذنوبك كما يتناثر الورق من الشجر في الريح العاصف) أي الشديد وفيه ترغيب عظيم في فضل سقي الماء وفخامة لشأنه واللظاهر أنه لا يتعين لذلك مباشرته بنفسه بل يكفي كون الماء ملكاً له وتسبب في تسبيله بنحو أجرة وربح سيما إن كانت المباشرة لا تليق به. - (خط عن أنس) وفيه هبة الله بن موسى الموصلي قال في الميزان لا يعرف وساق له هذا الخبر. 840 - (إذا كذب العبد كذبة) بفتح الكاف والنصب أي واحدة منهياً عنها (تباعد الملك) يحتمل أن أل جنسية ويحتمل أنها عهدية والمعهود الحافظ (عنه ميلاً) وهو منتهى مد البصر أو هو أن ينظر إلى شخص بأرض مستوية فلا يدري أذكر أم أنثى ذاهب أم آت وفي اصطلاح أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع وعند المحدثين أربعة آلاف والخلف لفظي لأن مراده الأولين ذراع العمل والثاني ذراع اليد ويظهر أن المراد بالميل هنا التكثير (من نتن ما جاء به) أي من أجل نتن ريح ما نطق به ذلك الكاذب من الكذب وفي رواية لابن عدي من نتن ريحه فإن قيل كيف يكون للقول رائحة قلنا تعلق الروائح بالأجسام وخلقها فيها عادة لا طبيعة فإذا شاء الباري خلقها مقرونة بالأعراض فتنسب إليها نسبتها إلى الأجسام قال الطيبي: وإذا تباعد الملك من نتن نحو بصل وثوم وتأذى به فتباعده من الكذب أولى وأخذ من الخبر أن الملائكة تدرك من الآدمي ريحاً خبيثاً عند تلفظه بالمعصية وهل هذه الريح حسية أم معنوية احتمالان رجح بعضهم الأول ولا يقدح فيه عدم إدراكنا لها لأن لها كما قال ابن عربي حجاباً على الأنف يمنعنا من إدراك نتنه بل أكابر المؤمنين يدركونه حسياً ألا ترى إلى خبر أحمد عن جابر كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح منتنة فقال أتدرون ما هذه الريح هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين وأخذ منه جمع صوفية أنه يتعين على مريد نحو صلاة أو ذكر أن يطهر الظاهر والباطن لئلا يؤذي أحداً من أهل الحضرة الإلهية من أنبياء وملائكة وأولياء بنتن ريحه المتولد [ص 435] من الذنوب سيما الفم إذا نطق بما لا يحل فإن أهل الحضرة لرقة حجابهم وطهارة بواطنهم يشمون رائحة المخالفات ولهذا قال مالك بن دينار والله لو كان الناس يشمون روائح المعاصي كما أشمها ما استطاع أن يجالسني أحد من نتن ريحي. وقد تطابق على قبح الكذب جميع الملل والنحل قال في الكشاف في قوله سبحانه وتعالى قال بعضهم: العالم كله مشحون بالملائكة وأذيتهم وأذية مواطنهم وهي مساجدهم التي يتعبدون فها محرمة علينا فليس في العالم موضع شبر إلا وفيه جبهة ملك كما يأتي فالعالم كله مسجد لهم فأذيتهم بالمعاصي وريح الذنوب وإكرامهم بكف الأذى عنهم وترك الكذب وكشف العورة والقبائح فالكف عن ذلك إكرام للملأ الأعلى المجاورين للقلوب والأرواح والنفوس في عالم الملكوت والأجسام في عالم الملك. - (ت) في الزهد (حل) في ترجمة ابن أبي داود (عن ابن عمر) قال الترمذي جيد غريب تفرد به عبد الرحيم بن هارون انتهى وعبد الرحيم قال الدارقطني متروك الحديث يكذب وذكر له ابن عدي مناكير وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه تبعاً لتجويد الترمذي. (1) (إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها فليستهما عليها) -هذان الحديثان لم يوجدا في أكثر النسخ وهما في خط المؤلف- أي إذا أراد كل من المتداعيين في التحالف أو نحوه أن يبدأ صاحبه قبله أو عكسه أقرع بينهما فمن خرجت قرعته بتقديم أو تأخير قدم أو أخر ندباً وهذا محله عند الشافعية إذا تساويا كأن تبادلا عيناً بعين وإلا بدىء بالبائع ومن في حكمه ندباً . - (د عن أبي هريرة) (2) (إذا كسفت الشمس) أو خسف القمر (فصلوا) للكسوف أو الخسوف (كآخر صلاة صليتموها من المكتوبة) فإن كان ذلك بعد الصبح مثلا فصلوا ركعتين أو الظهر فأربع، وهكذا، وهذا لم أر من أخذ به من المجتهدين. - (طب عن النعمان بن بشير). 841 - (إذا كنتم في سفر) طويل أو قصير (فأقلوا المكث) اللبث والانتظار (في المنازل) أي الأماكن التي اعتيد النزول فيها في السفر لنحو استراحة والإقلال من المكث فيها بأن يكون بقدر الحاجة فقط لأن في إطالة المكث فيها تطويلاً للسفر الذي هو قطعة من العذاب وقد يقل الزاد أو تعرض قطاع الطريق للقافلة وأشار بقوله فأقلوا إلى تعين النزول للاستراحة فعلى أمير الجيش أو الحج أن يريحهم بالنزول فيها على الوجه المعتاد ولا يكلف العاجز ما لا يطيقه من العجلة. - (أبو نعيم) والديلمي (عن ابن عباس) وفيه الحسن بن علي الأهوازي قال الذهبي اتهمه وكذبه ابن عساكر. 842 - (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى) قال القرطبي الرواية المشهور بألف مقصورة ثابتة في الخط ساقطة في اللفظ لالتقاء الساكنين فهو خبر بمعنى النهي وفي رواية مسلم بغير ألف وهي واضحة والتناجي التحادث سراً (رجلان) يعني اثنان كما في رواية (دون الآخر) بغير إذنه فيحرم فقد يظن أنهما يريدانه بقبيح أو أنهما لم يشاركاه في الحديث احتقاراً له وظاهره عموم النهي في كل زمن حضراً أو سفراً وعليه الجمهور كما مر ثم بين غاية المنع. وهو أن يحدث الثالث من يتحدث معه كما فعل ابن عمر كان يتحدث مع رجل فجاء آخر يريد أن يناجيه فلم يفعل حتى دعا رابعاً بأن يتحدث مع الآخر وناجى الطالب للمناجاة فقال (حتى تختلطوا بالناس) أي تنضموا إليهم وتمتزجوا ويتحدث بعضهم مع بعض ثم علل ذكر النهي بقوله (فإن ذلك) أي التناجي مع انفراد واحد وفي رواية بدله من أجل أن ذلك قال الزركشي أي من أجل وقد يتكلم به مع حذف من (يحزنه) بضم المثناة تحت وكسر الزاي وبفتحها أي يوقع في نفسه ما يحزن لأجله أي بسببه لما تقرر من أنه يظن الحديث عنه بما يؤذيه وذلك كله ناشىء عن بقائه وحده فإذا كان معه [ص 436] غيره أمن ذلك وعليه يستوي في ذلك كله الأعداد كما ذكره القرطبي فلا يتناجى أربع دون واحد ولا عشرة ولا ألف لوجود المعنى في حقه بل وجوده في الكثير أقوى وإنما خص الثالث بالذكر لأنه أقل عدد يتأتى فيه ذلك المعنى ذكره القرطبي قال ابن عربي ومثله ما لو تكلم معه بلسان لا يعرفه الثالث ومحل النهي في غيره مهم ديني أو دنيوي يترتب على إظهاره مفسدة. - (حم ق ت ه عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضاً أبو داود ولعله أغفله سهواً. 843 - (إذا لبستم) أي أردتم لبس نحو ثوب فابدؤا بميامنكم (وإذا توضأتم) الوضوء الشرعي (فابدؤا) ندباً (بميامنكم) كذا في نسخ الكتاب وهو الموجود في خطه وفي رواية بأيامنكم قال التوريشتي والرواية الأولى هي المعتمد بها ولا فرق بين اللفظين من طريق العربية فإن الأيمن والميمنة خلاف الأيسر والميسرة غير أن الحديث تفرد أبو داود بإخراجه ولفظه بميامنكم انتهى. ورد الطيبي بأن الموجود في أبي داود في باب النعال وشرح السنن للبغوي وشرح مسلم والمصابيح بأيامنكم قال وقد أخرجه أحمد بروايته عن أبي هريرة كذلك انتهى وذلك لأن اللبس والتطهر من باب الإكرام واليمين أولى كما مر غير مرة قال الطيبي وخصا بالذكر وكرر أداة الشرط ليؤذن باستقلالهما وأنهما يستوعبان جميع ما يدخل في الباب أما التوضؤ فق مر أنه فتح لأبواب الطاعات كلها فبذكره يستغنى عنها كلها كما في قوله الطهور شطر الإيمان وأما اللباس فلأنه من النعم الممتن بها في آية - (د حب عن أبي هريرة) قال في الرياض حديث صحيح وتبعه المصنف فرمز لصحته لكن قال الذهبي في المهذب غريب فرده وقال المناوي حسن. 844 - (إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه) بأن أراه رؤيا تحزنه أو خلط عليه فيه (فلا يحدث به الناس) ندباً لئلا يستقيله المعبر في تفسيرها بما يزيده هماً ويورثه غماً مع أن ما من الشيطان أضغاث أحلام لا أثر له ولا عبره بتعبيرة بل يفعل ما مر من الاستعاذة والتفل والتحول. - (م ه عن جابر) قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم رأيت أن عنقي ضربت فأخذته فأعدته فذكره قال الماوردي يحتمل أن المصطفى صلى الله عليه وسلم علم أن هذا المنام من الأضغاث بوحي أو قرينة وأما المعبرون فيقولون قطع الرأس يدل على زوال نعمة وسلطان واختلاف أحواله وإن كان عبداً أو مريضاً أو مديوناً يدل على عنقه وشفائه ووفاء دينه. 845 - (إذا لعن آخر هذه الأمة أولها) يعني السلف الصالح (فمن كتم) حينئذ (حديثاً) بلغه عن الشارع بطريقه المعتبر عند أهل الأثر (فقد كتم ما أنزل الله عز وجل علي) فيلجم يوم القيامة بلجام من نار كما في أخباره. - (عن جابر) قال المنذري ضعيف. 846 - (إذا لقي أحدكم أخاه) في الدين (فليسلم عليه) من اللقاء وهو كما قال الحراني اجتماع بإقبال (فإن حالت بينهما شجرة أو حائط) لفظ أبي داود أو جدار (أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه) ندباً وإن تكرر عن قرب قال الطيبي فيه حث على السلام وإن تكرر عند كل تغير حال ولكل جاء وغاد وقال المناوي قضية الأمر بالسلام عليه وإن قربت مفارقته ثانياً وثالثاُ وأكثر وقيل بث السلام رفع للضغينة بأيسر مؤنة واكتساب أخوة بأهون عطية. - (د ه هب عن أبي هريرة) بإسناد حسن. [ص 437] 847 - (إذا لقيت الحاج) بعد تمام حجه (فسلم عليه وصافحه) أي ضع يدك في يده (ومره) أي اسأله (أن يستغفر لك) بأن يقول أستغفر الله لي ولك والأولى كون ذلك (قبل أن يدخل بيته) أي محل سكنه فإنه إذا دخل انهمك غالباً في اللذات ونيل الشهوات (فإنه مغفور له) الصغائر والكبائر إلا التبعات إذا كان حجه مبروراً كما قيده في عدة أخبار فتلقي الحاج والسلام عليه وطلب الدعاء منه مندوب ولقاء الأحباب لقاح الألباب وأخبار تلك الديار أحلى من الأسمار وقدوم الحاج يذكر بالقدوم على الله تعالى، وظاهر الحديث أن طلب الاستغفار منه مؤقت بما قبل الدخول فإن دخل فات لكن في الإحياء عن عمر أن ذلك يمتد بقية الحجة والمحرم وصفر وعشرين من ربيع الأول انتهى وعليه فينزل الحديث على الأولوية فالأولى طلب ذلك منه حال دخوله فلعله يخلط أو يلهو. قال الإمام الرازي: الحكمة في طلب السلام عند التلاقي والمكاتبة دون غيرهما أن تحية السلام طلبت عند ما ذكر لأنها أول أسباب الألفة، ولا السلامة التي تضمنها السلام هي أقصى الأماني فتنبسط النفس عند الإطلاع عليه أي بسط وتتفاءل به أحسن فأل، قال وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن مع تضمن تحية السلام للتواضع وتجنب الكبر مع التأنيس للوحشة واستمالة القلب وسكون النفس للآتي بها فنفتح أبواب المودة وتتألف القلوب (تتمة) قال العراقي: الخروج المندوب لتلقي الغائب وتشييع المسافر من نحو حاج وغاز لا يختص بحال ولا بمسافة بل هو بحسب العوائد واختصاص المتلقي والمشيع بمن يتلقاه أو يشيعه. - (حم عن ابن عمر) رمز لحسنه وليس كما قال فقيه محمد بن عبد الرحمن السلماني ضعفوه وممن جزم بضعفه الحافظ الهيتمي. 848 - (إذا لم يبارك للرجل) يعني الإنسان (في ماله جعله في الماء والطين) أي في البنيان بهما، وسبق أن هذا في غير ما فيه قربة وفيما عدا ما لا بد منه. - (هب عن أبي هريرة) وفيه عبد الأعلى بن أبي المقاور تركه أبو داود 849 - (إذا مات الميت) من باب المجاز باعتبار ما يؤول إليه. إذا الميت لا يموت بل الحي. قال الزمخشري في خبر "فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة" وسمي المشارف للمرض والضال مريضاً وضالة تجوزاً وعليه يسمى المشارف للموت ميتاً (تقول الملائكة) الذين يمشون مع الجنازة أي يقول بعضهم لبعض (ما قدم) من الأعمال الصالحة أهو صالح فنستغفر له أم لا ؟ أو هو تعجب لا استفهام أي ما أكثر ما لزمه من العمل الصالح أو غيره (ويقول الناس) بعضهم لبعض (ما خلف) بشد اللام من التركة الموروثة عنه فالقصد به بيان أن اهتمام الملائكة إنما هو بشأن الأعمال واهتمام الورثة بما تركه ليورث عنه، وفيه رد على بعض الفرق الضالة الزاعمين أن الموت عدم محض وفناء صرف، كذبوا والله بل هو انتقال من دار إلى دار، وتغيير من حال إلى حال. - (هب عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن سليمان الجعفي، قال النسائي ليس بثقة وعبد الرحمن المحاربي له مناكير. 850 - (إذا مات الإنسان) وفي رواية: ابن آدم (انقطع عمله) أي فائدة عمله وتجديد ثوابه يعني لا تصل إليه فائدة شيء من عمله كصلاة وحج (إلا من ثلاث) أي ثلاثة أشياء فإن ثوابها لا ينقطع لكونه فعلاً دائم الخير متصل النفع، ولأنه لما كان السبب في اكتسابها كان له ثوابها (صدقة) لفظ رواية مسلم: إلا من صدقة وتبع المصنف في إسقاطها [ص 438] المصابيح مع ثبوتها في مسلم والحميدي وجامع الأصول والمشارق. قال الطيبي: وهو بدل من قوله: إلا من ثلاث، وفائدة التكرير مزيد تقرير واعتناء بشأنها والاستثناء متصل تقديره ينقطع ثواب أعماله من كل شيء كصلاة وزكاة وحج ولا ينقطع ثواب عمله منهذه الثلاثة (جارية) دائمة متصلة كالوقوف المرصدة فيدوم ثوابها مدة دوامها (أو علم ينتفع به) كتعليم وتصنيف. قال السبكي: والتصنيف أقوى لطول بقائه على ممر الزمان لكن شرط بعض شراح مسلم لدخول التصنيف فيه اشتماله على فوائد زائدة على ما في الكتب المتقدمة فإن لم يشتمل إلا على نقل ما فيها فهو تحبير للكاغد فلا يدخل في ذلك وكذا التدريس فإن لم يكن في الدرس زيادة تستفاد من الشيخ مزيدة على ما دونه الماضون لم يدخل. وما أحسن ما قيل: إذا لم يكن في مجلس الدرس نكتة * بتقرير إيضاح لمشكل صورة * وعزو غريب النقل أو حل مغفل أو إشكال أبدته فكرة * فدع سعيه وانظر لنفسك واجتهد * ولا تتركن فالترك أقبح خلة قال المنذري: ونسخ العلم النافع له أجره وأجر من قرأه أو كتبه أو عمل ما يقي خطه، وناسخ ما فيه إثم: عليه وزره ووزر ما عمل به ما بقي خطه (أو ولد صالح) أي مسلم (يدعو له) لأنه هو السبب لوجوده وصلاحه وإرشاده إلى الهدى وفائدة تقييده بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه تحريض الولد على الدعاء للوالد. وقيد بالصالح أي المسلم، لأن الأجر لا يحصل من غيره وأما الوزر فلا يلحق الأب من إثم ولده ثم إن هذا لا يعارضه خبر: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. وخبر: أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت: المرابط إلخ. وخبر: من مات يختم على عمله إلا المرابط لأن السنة المسنونة من جملة العلم المنتفع به. ومعنى خبر المرابط بوجه ما فإن ثواب عمله الذي قدمه في حياته ينمو له إلى يوم القيامة أما هذه الثلاثة فأعمال تجدد بعد موته لا تنقطع عنه لكونه سبباً لها فإنه تعالى يثيب المكلف بكل فعل يتوقف وجوده توقفاً ما على كسبه سواء فيه المباشرة والسبب وما يتجدد حالاً فحالاً من منافع الوقف، ويصل إلى المستحقين من نتائج فعل الواقف واستفادة المتعلم من مآثر المتقدمين وتصانيفهم بتوسط إرشادهم وصالحات أعمال الولد تبعاً لوجوده الذي هو مسبب عن فعل الوالد كان ذلك ثوابأ لاحقاً بهم غير منقطع عنهم وبدأ بالصدفة لأن المال زينة الدنيا والنفوس متعلقة بحبه فايثار الخروج عنه لله آية صدق فاعله ونعني بالعلم لاشتراكه معها في عموم منافعه وجموم مناقبه وختم بدعاء الولد تنبيهاً على أن شرف الأعمال المتقدمة لا ينكر، ولأنها أرجح من الأعمال القاصرة قال النووي: وفيه دليل على صحة الوقف وعظم ثوابه، وبيان فضيلة العلم والحث على الإكثار منه والترغيب في توريثه بنحو تعليم وتصنيف وأنه ينبغي أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع، وأن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذا الصدقة وهو إجماع وكذا قضاء الدين. - (حم خد م) في الوصايا (3 عن أبي هريرة) 851 - (إذا مات أحدكم) أيها المؤمنون الأبرار والكافرون الفجار، وفي عصاة المؤمنين تردد (عرض عليه مقعده) أي محل قعوده من الجنة أو النار بأن تعاد الروح إلى بدنه أو إلى بعض منه يدرك به حال العرض ولا مانع منه وشاهده - (ق ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب 852 - (إذا مات صاحبكم) أي المؤمن الذي كنتم تصاحبونه لقرابة أو صهارة أو جوار أو صدقة أو نحوها (فدعوه) اتركوه من الكلام فيه بما يؤذيه لو كان حياً ولما كان الترك قد لا يستلزم ترك الوقيعة قال (ولا تقعوا فيه) أي لا تتكلموا في عرضه بسوء ولا تتكلموا بعده بشيء من أخلاقه الذميمة فإنه قد أفضى إلى ما قدم. وغيبة الميت أفظع من غيبة الحي لأنه يرجى استحلاله بخلافه وزعم أن المراد اتركوا محبته بعد موته ولا تقلقوا قلوبكم به بأن تجلوا المصيبة والبكاء عليه والتعزية بعيد من السياق، وقد ورد في عدة أخبار الكف عن مساوىء الأموات مطلقاً فتخصيص الصاحب للاهتمام وبيان أنه بذلك أحق.
|